حل ثبات الوزن بعد التكميم
يُعدّ تكميم المعدة من أشهر جراحات السمنة وأكثرها فعالية في إنقاص الوزن خلال فترة قصيرة، حيث يعمل على تقليص حجم المعدة بنسبة تصل إلى 75%، مما يقلل كمية الطعام المُستهلكة ويؤدي إلى شعور أسرع بالشبع. ورغم نجاح هذا الإجراء في فقدان كميات كبيرة من الوزن، إلا أن العديد من المرضى يواجهون تحديًا يُعرف بـ”ثبات الوزن” أو “بلاتو الوزن” بعد مرور فترة على الجراحة، حيث يتوقف فقدان الوزن رغم الاستمرار في السلوكيات الغذائية الصحية. هذه المرحلة قد تكون محبطة للغاية، لكنها متوقعة وطبيعية في سياق فقدان الوزن بعد التكميم. لفهم كيفية التغلب على هذه المرحلة، من الضروري تحليل الأسباب البيولوجية والسلوكية الكامنة وراءها، بالإضافة إلى اقتراح الحلول العلمية والعملية الكفيلة بكسر هذا الجمود وتحفيز الجسم على استئناف خسارة الوزن.
أولاً: فهم مرحلة ثبات الوزن بعد التكميم
مرحلة ثبات الوزن تحدث عادة بعد مرور 6 إلى 12 شهرًا من إجراء عملية التكميم، حين يكون الجسم قد استجاب لفقدان الدهون من خلال تباطؤ العمليات الأيضية. عند انخفاض السعرات الحرارية المستهلكة لفترة طويلة، يقوم الجسم بتفعيل آلية بيولوجية دفاعية تهدف إلى الحفاظ على الطاقة وتقليل الفاقد، فيبطئ من معدل الأيض الأساسي (BMR)، وهو المسؤول عن حرق السعرات في حالة الراحة.
في هذه المرحلة، رغم الالتزام بالتوصيات الطبية وتناول كميات محددة من الطعام، قد لا يلاحظ المريض تغيرًا في الوزن، ما يسبب إحباطًا شديدًا ويزيد من خطر التراجع نحو عادات غذائية غير صحية أو الإقلاع عن التمارين الرياضية.
ثانياً: الأسباب الرئيسية لثبات الوزن بعد التكميم
1. تباطؤ معدل الأيض
عندما يفقد الجسم كمية كبيرة من الوزن، ينخفض معدل الأيض الأساسي، ما يؤدي إلى استهلاك طاقة أقل مقارنة بالسابق. هذه الظاهرة تُعرف بالتكيف الأيضي.
2. انخفاض الكتلة العضلية
غالبًا ما يخسر الجسم جزءًا من العضلات أثناء خسارة الوزن. ونظرًا لأن العضلات تحرق سعرات حرارية أكثر من الدهون، فإن فقدانها يساهم في انخفاض القدرة على الحرق.
3. عدم الالتزام الدقيق بتوصيات التغذية
مع مرور الوقت بعد الجراحة، قد يبدأ بعض المرضى في تناول أطعمة ذات كثافة حرارية عالية بكميات صغيرة، مثل الشوكولاتة والمكسرات والمقليات، مما يعيق فقدان الوزن رغم انخفاض الكمية.
4. قلة النشاط البدني
الاعتماد فقط على التكميم دون ممارسة الرياضة يؤدي إلى ضعف النتائج على المدى الطويل. الرياضة تعزز الحرق وتحافظ على الكتلة العضلية، وعند غيابها قد يحدث ثبات للوزن.
5. العوامل الهرمونية
بعض الهرمونات مثل اللبتين والأنسولين تلعب دورًا في تنظيم الجوع والشبع. وبعد التكميم قد يختل توازن هذه الهرمونات، خاصة في حال وجود مقاومة أنسولين أو اضطرابات الغدة الدرقية.
6. قلة النوم والإجهاد
النوم غير الكافي وارتفاع مستويات التوتر يُفرزان هرمونات مثل الكورتيزول التي ترفع تخزين الدهون وتقلل من فعالية الحرق.
ثالثاً: حلول فعالة لكسر مرحلة ثبات الوزن بعد التكميم
1. إعادة تقييم النظام الغذائي مع اختصاصي تغذية
قد تكون الكميات الغذائية أو أنواع الطعام غير مناسبة بعد فترة من التكميم، ومن المهم مراجعة أخصائي تغذية متخصص في جراحات السمنة لتحديد مصادر السعرات الخفية وتعديل النظام بما يتناسب مع المرحلة الجديدة.
2. زيادة كمية البروتين
تناول كميات كافية من البروتين (1.2 إلى 1.5 جرام لكل كيلوجرام من الوزن) يساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية، ويزيد من معدل الشبع، ويعزز الحرق.
3. تنويع الروتين الرياضي
الاعتماد على نوع واحد من التمارين (مثل المشي فقط) قد لا يكون كافيًا. من المهم إدخال تمارين المقاومة إلى جانب التمارين الهوائية، لأن العضلات تحفز الحرق حتى أثناء الراحة.
| نوع التمرين | الفوائد الأساسية | عدد المرات الموصى بها أسبوعيًا |
|---|---|---|
| تمارين الكارديو | تعزيز حرق الدهون وتحسين اللياقة القلبية | 4 إلى 5 مرات |
| تمارين المقاومة | بناء العضلات وزيادة معدل الأيض الأساسي | 3 مرات |
| تمارين المرونة | تحسين حركة المفاصل وتقليل التوتر العضلي | 2 مرات |
4. تطبيق نظام الصيام المتقطع بحذر
الصيام المتقطع (مثل 16/8) يمكن أن يحفز الجسم على استخدام الدهون كمصدر للطاقة. ولكن يجب تطبيقه تحت إشراف طبي لتفادي سوء التغذية بعد التكميم.
5. تغيير توزيع السعرات على مدار اليوم
بدلاً من تناول السعرات في وجبة واحدة رئيسية، يُنصح بتوزيعها على عدة وجبات صغيرة ومتوازنة لتحفيز الحرق المستمر والوقاية من ارتفاع السكر في الدم.
6. الحفاظ على ترطيب الجسم
شرب الماء بكميات كافية يدعم عمليات التمثيل الغذائي ويساعد في التخلص من السموم، كما أن الجفاف يُفسر أحيانًا بشكل خاطئ على أنه جوع.
7. النوم الجيد وتقليل التوتر
ينبغي الحرص على نوم يتراوح بين 7 إلى 8 ساعات يوميًا، مع استخدام تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا أو التنفس العميق لتقليل مستويات الكورتيزول.
8. استخدام المكملات بحذر
بعض المكملات الغذائية مثل فيتامين B12، الحديد، والكالسيوم ضرورية بعد التكميم. وقد تُستخدم مكملات تعزز الحرق مثل الكافيين أو الشاي الأخضر بعد استشارة طبية.
9. تجنب السعرات السائلة
المشروبات المحلاة أو العصائر حتى بكميات صغيرة تحتوي على سعرات عالية لا تشبع وتسبب تراكم الدهون بسهولة، وقد تكون سببًا خفيًا لثبات الوزن.
10. مراقبة الوزن بوتيرة أقل
الوزن لا يعكس دائمًا تقدم الحرق أو الصحة العامة. يُفضّل متابعة قياسات الجسم، ومستوى الطاقة، والملابس، بدلاً من التركيز فقط على الميزان.
رابعاً: الجوانب النفسية المرتبطة بثبات الوزن بعد التكميم
يمثل ثبات الوزن تحديًا نفسيًا لا يقل أهمية عن التحدي الجسدي. من الطبيعي الشعور بالإحباط أو الفشل في هذه المرحلة، لكن من الضروري إدراك أن هذه الظاهرة شائعة وليست دليلاً على فشل العملية أو السلوك الشخصي.
الدعم النفسي من الأسرة، والمشاركة في مجموعات دعم المرضى بعد التكميم، والمتابعة مع أخصائي نفسي عند الحاجة، كلها أدوات مهمة لتجاوز هذه المرحلة بمرونة دون التراجع عن الأهداف الصحية.
خامساً: متى يجب مراجعة الطبيب؟
رغم أن ثبات الوزن بعد التكميم قد يكون طبيعيًا، إلا أن بعض الحالات تستدعي التقييم الطبي:
-
إذا استمر ثبات الوزن أكثر من 8 إلى 12 أسبوعًا رغم الالتزام الغذائي والرياضي.
-
عند ظهور أعراض أخرى مثل الخمول الشديد، تساقط الشعر، أو اضطراب في الدورة الشهرية.
-
في حالة الاشتباه في وجود خلل هرموني أو سوء امتصاص.
قد يطلب الطبيب تحاليل دم شاملة، ومراجعة الأدوية، أو حتى التوصية بإجراءات علاجية إضافية مثل البالون أو التحويل.
خلاصة علمية
ثبات الوزن بعد التكميم مرحلة متوقعة ولا تشير إلى فشل العملية، بل هي انعكاس لتكيف الجسم مع التغييرات الجديدة. يكمن الحل في تعديل الاستراتيجيات الغذائية والرياضية والنفسية ومراقبة العوامل المؤثرة بشكل علمي دقيق. الاستمرارية في نمط حياة صحي والمتابعة المنتظمة مع المختصين يضمنان استئناف فقدان الوزن بطريقة آمنة ومستدامة.
المصادر:
-
Mechanisms of weight regain after bariatric surgery – Nature Reviews Endocrinology, 2022.
-
ASMBS Clinical Practice Guidelines for the Perioperative Nutritional, Metabolic, and Nonsurgical Support of the Bariatric Surgery Patient – Surgery for Obesity and Related Diseases, 2020.
